المغرب: ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال 2024
في 11 يناير 1944، شهد المغرب تقديم وثيقة تاريخية تجسد آمال الشعب في الحرية والاستقلال، معلنة بداية فصل جديد في مسار الأمة.
وثيقة المطالبة بالاستقلال: يوم 11 يناير في تاريخ المغرب
يُعتبر يوم 11 يناير من أهم الأيام التاريخية في ذاكرة المغرب، فهو اليوم الذي قدم فيه الوطنيون المغاربة “وثيقة المطالبة بالاستقلال” سنة 1944 (شهر يناير)، معلنين للعالم رغبة الشعب المغربي في التحرر من نظام الحماية الفرنسية واستعادة سيادته الوطنية. يعتبر هذا اليوم علامة فارقة في مسار الكفاح الوطني نحو الاستقلال، وتخليدًا لهذا الحدث، يتم الاحتفال به سنويًا كعيد وطني رسمي.
خلفيات وثيقة المطالبة بالاستقلال
في ظل نظام الحماية الفرنسية الذي فُرض على المغرب سنة 1912، واجه الشعب المغربي تقييدًا على كل جوانب حياته، فتزايدت المطالب الشعبية والسياسية بالاستقلال. انطلقت المقاومة المسلحة منذ سنوات الحماية الأولى، كما بدأت تتبلور حركات وطنية قادتها شخصيات مغربية مرموقة، سعت عبر العمل السياسي والدبلوماسي إلى نيل الاستقلال.
جاءت هذه الوثيقة كمبادرة من الملك محمد الخامس، الذي التقى بعدد من زعماء الحركة الوطنية واتفق معهم على ضرورة تقديم طلب رسمي يطالب بالاستقلال الكامل وإنهاء الحكم الاستعماري. وفي إطار هذه الجهود، جرى إعداد وثيقة تمثل إرادة الأمة المغربية وحقوقها في استعادة السيادة.
توقيع الوثيقة وتقديمها
في يوم 11 يناير 1944، اجتمعت شخصيات بارزة من الحركة الوطنية لصياغة وتوقيع وثيقة المطالبة بالاستقلال، وقد شملت توقيع كبار قادة حزب الاستقلال، ومن أبرز الموقعين:
- علال الفاسي: أحد أبرز قادة حزب الاستقلال ومن المفكرين الوطنيين المعروفين.
- أحمد بلافريج: سياسي ودبلوماسي لعب دورًا بارزًا في دعم الجهود الوطنية.
- عبد الله إبراهيم: شخصية بارزة في حزب الاستقلال ومناضل وطني مخلص.
- محمد بن الحسن الوزاني: من كبار القادة السياسيين في الحركة الوطنية.
تم تقديم الوثيقة للمقيم العام الفرنسي، كما أرسلت نسخ منها إلى الدول الحليفة مثل أمريكا وبريطانيا، سعياً لحشد الدعم الدولي ضد الاستعمار الفرنسي. شملت الوثيقة مطالب واضحة بإنهاء الحماية وتكوين حكومة مغربية بقيادة الملك محمد الخامس.
ردود الفعل وأحداث تلت تقديم الوثيقة
لم يكن رد السلطات الفرنسية على هذه الوثيقة إيجابيًا؛ بل على العكس، واجهت الموقعين وأعضاء الحركة الوطنية بقمع شديد، حيث قامت باعتقال عدد كبير منهم. ومع ذلك، أثارت هذه الاعتقالات موجة من التضامن الشعبي، واندلعت احتجاجات وانتفاضات في عدة مدن مغربية، منها الدار البيضاء، فاس، ومراكش. قوبلت هذه الانتفاضات برد عنيف من قبل السلطات الفرنسية، إلا أنها أكدت قوة الوحدة بين المغاربة وإصرارهم على تحقيق الاستقلال.
يوم 11 يناير: عيد وطني يحتفل به المغاربة
يُعتبر يوم 11 يناير عيدًا وطنيًا في المغرب، يُحتفى به كل عام لتخليد ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال. ويعد هذا اليوم مناسبة فريدة تذكر المغاربة بتضحيات الأجيال السابقة وإرادتهم الصلبة التي وضعت حجر الأساس لاستقلال البلاد. في هذا اليوم، تُقام الاحتفالات في جميع أنحاء المملكة، وتُنظم الفعاليات الثقافية، والندوات التاريخية، والأنشطة التي تسلط الضوء على حقبة الكفاح الوطني ومكانة هذه الوثيقة في تاريخ المغرب.
تساهم المؤسسات التعليمية والثقافية في الاحتفال بهذا اليوم من خلال تسليط الضوء على أهمية وثيقة الاستقلال، وتدريس الطلاب التاريخ البطولي للنضال الوطني. ويعد هذا العيد فرصة لغرس قيم الوطنية والتضحية لدى الأجيال الشابة، وتجديد الالتزام بالحفاظ على مكتسبات الاستقلال.
استكمال مسار الاستقلال
بعد تقديم الوثيقة، استمر النضال ضد الاستعمار، وازدادت الضغوط على السلطات الفرنسية حتى عام 1955، حيث تم الاتفاق على منح المغرب استقلاله، وتم تحقيق هذا الإنجاز في شهر نونبر من نفس العام. بقي المغرب منذ ذلك الحين دولة مستقلة تحت قيادة الملك محمد الخامس، مؤسس الدولة الحديثة، ومثّل هذا النصر تتويجًا لكفاح أجيال من الوطنيين.
يظل يوم 11 يناير عيدًا وطنيًا يعبر عن وحدة الشعب المغربي وصموده في وجه الاستعمار، ويجسد إرادة أمة اختارت الحرية والسيادة. إنه يوم يحتفل فيه المغاربة بالوطنية، ويستذكرون فيه أمجاد الماضي ليظل حاضرهم ومستقبلهم مفعمًا بالروح الوطنية، مصممين على بناء مغرب قوي ومستقل.