المغرب: ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال 2025
في 11 يناير 1944، شهد المغرب ولادة وثيقة تاريخية تحمل آمال شعبه في الحرية والاستقلال، مسجّلة بداية فصل جديد في تاريخ الوطن.
العنوان: الاحتفال بيوم وثيقة الاستقلال: الإعلان التاريخي لاستقلال المغرب
في كل عام، يحتفل المغرب في 11 يناير بـيوم الوثيقة، وهو عطلة وطنية تخلد اللحظة التاريخية في 1944 عندما قدم الوطنيون المغاربة رسميًا وثيقة الاستقلال. هذه الوثيقة الجريئة طالبت بحرية البلاد من الحمايتين الفرنسية والإسبانية، مما أشعل حركة وطنية قادت المغرب نحو الاستقلال. لقد جسدت عزيمة وشجاعة الموقعين على الوثيقة في هذا اليوم مساراً لا رجعة فيه نحو السيادة والوحدة، إرثاً يعتز به المغاربة ويحتفلون به كل سنة.
السياق التاريخي
ترجع جذور الحركة الاستقلالية المغربية إلى أوائل القرن العشرين، بعد معاهدة فاس لعام 1912 التي وضعت البلاد تحت السيطرة الفرنسية والإسبانية. رغم أن فرنسا وإسبانيا كانتا تحكمان تحت مسمى “الحماية”، إلا أن المغاربة شعروا بالتهميش المتزايد، حيث تجاهلت السلطات الاستعمارية ثقافتهم ودينهم وحقوقهم السياسية. استلهم المغاربة من الحركات الوطنية الناشئة حول العالم، وبدأوا في تنظيم أنفسهم للمطالبة بالتغيير.
في أوائل الأربعينيات، تأسس حزب الاستقلال بشكل رسمي، وأصبح هذا الحزب السياسي المؤثر صوتاً للنضال الوطني المغربي، وجذب الانتباه من خلال مطالبه بالحرية والاستقلال. وبفضل جهودهم المشتركة، تمت صياغة وثيقة الاستقلال، وهي وثيقة تهدف إلى تقديم مطالبة جماعية بالسيادة وتأكيد حق المغرب في تقرير المصير.
مطالب الوثيقة
حددت وثيقة الاستقلال ثلاثة مطالب رئيسية تجسد طموحات الشعب المغربي:
- الاستقلال التام – إنهاء فوري للسيطرة الفرنسية والإسبانية على المغرب.
- استعادة سلطة الملكية – الاعتراف بالسلطان محمد الخامس كحاكم شرعي للمغرب.
- إصلاحات ديمقراطية – تأسيس دولة مغربية مبنية على مبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية.
كانت هذه المطالب بمثابة دعوة للتوحيد للشعب المغربي وأجندة سياسية واضحة، تقدم رؤية لدولة سيادية وديمقراطية يقودها المغاربة ولصالح المغاربة.
الشخصيات البارزة والموقعون على الوثيقة
اكتسبت الوثيقة مصداقيتها بفضل الموقعين عليها، الذين كانوا من بين أبرز المفكرين والشخصيات الدينية والزعماء السياسيين في المغرب. من بين الشخصيات الرئيسية التي وقعت على الوثيقة:
- علال الفاسي: زعيم مؤثر في الحركة الوطنية المغربية، عُرف الفاسي بدوره المركزي في حزب الاستقلال وبدفاعه الحماسي عن الاستقلال.
- أحمد بلافريج: سياسي ودبلوماسي بارز، لعب بلافريج دوراً حاسماً في صياغة الوثيقة، وكان له دور هام في الدبلوماسية المغربية بعد الاستقلال.
- عبد اللطيف الصبيحي: مفكر وناشط، جلب الصبيحي دعم الأوساط الفكرية والدينية المغربية.
- عبد الرحيم بوعبيد: عُرف بوعبيد ببراعته السياسية، وقد لعب أدواراً مهمة في الحكومة المغربية بعد الاستقلال.
- محمد اليزيدي: مفكر وناشط محترم، كان اليزيدي دعامة أخرى للحركة الاستقلالية وداعمًا نشطًا للوثيقة.
واجه هؤلاء القادة مخاطر كبيرة، حيث ردت السلطات الاستعمارية بصرامة على محاولات التحدي، ساعيةً إلى كبح هذا الحركة من خلال سجن وقمع رموزها. ومع ذلك، كانت توقيعاتهم تمثل تأكيداً حازماً على حق المغرب في السيادة.
انتشار الحركة وتزايد الدعم
عند تقديم الوثيقة للسلطات الفرنسية، قوبلت بتداعيات سريعة. اعتقلت القوات الاستعمارية العديد من قادة الحركة الوطنية، أملاً في إخماد هذا التوسع المتزايد. غير أن هذه المحاولات عززت الدعم الشعبي فقط. عبر المغرب، من المدن إلى المناطق الريفية، أبدى الناس تضامنهم مع الحركة الاستقلالية. وازداد السطان محمد الخامس، الذي كان شخصية محترمة في المجتمع المغربي، تأييداً للقضية الوطنية، مجسداً وحدة الملكية والشعب.
خلال العقد التالي، استمرت الجهود الوطنية من خلال المفاوضات، والمقاومة الشعبية، والنداءات للحلفاء الدوليين. وفي عام 1956، بعد سنوات من الجهد والمقاومة، حصل المغرب أخيرًا على استقلاله. وكانت الوثيقة، التي كُتبت وقدمت قبل أكثر من عشر سنوات، قد وضعت الأساس لهذا النصر التاريخي.
يوم الوثيقة: تكريم استقلال المغرب
في 11 يناير، يحتفل المغرب بـيوم الوثيقة من خلال أحداث وتجمعات تكرم تضحيات وإنجازات الحركة من أجل الاستقلال. تُنظم المدارس والمنظمات المجتمعية غالبًا قراءات علنية ومناقشات حول مبادئ الوثيقة، وتتجمع العائلات لتكريم من ساهموا في سيادة الأمة.
يوم الوثيقة هو أكثر من مجرد عطلة؛ إنه يوم للتأمل في قيم التضامن والصمود والعدالة التي تُعدّ في صميم هوية المغرب. وعبر تذكر التزام قادة مثل علال الفاسي وأحمد بلافريج والسلطان محمد الخامس، يكرم المغاربة تاريخهم ويؤكدون مجددًا تمسكهم بهذه المبادئ الأساسية في الحاضر.
تعد وثيقة الاستقلال شاهداً على شجاعة ووحدة وإصرار الشعب المغربي. ويأتي يوم الوثيقة في 11 يناير ليكون تذكيراً قوياً بكيفية تحقيق حلم مغرب حر بفضل تضحيات من ناضلوا من أجله. وفي كل سنة، يكرم المغاربة هذا الإرث المشترك ويحتفلون بالسيادة التي تحققت بفضل الروح الثابتة لأجدادهم.